وعموما لئن كان الإطار العام لصدور مجلة الأحوال الشخصية يفسر إلى حدّ ما هاجسا مركزيّا سكن المشرّع يتمثّل في رغبته الملحة في التوفيق بين التراث والحداثة، فإن هذا الهاجس عينه هو الذي جعل المشرّع مقبلا مدبرا- معا- على الفقه الإسلامي، وحجم هذا الإقبال والإدبار يتقلص ويمتد بحسب المسألة موضوع التناول، فإن امتدّ في باب الزواج والطلاق فإنه يبدو أكثر تقلّصا في باب الميراث عند صدور مجلة الأحوال الشخصية، هذا الذي يعدّ أكثر أبواب المجلة ثباتا وحصانة من التنقيح والتغيير،ولعل الحضور المكثف للروح الفقهية الإسلامية داخل هذا الباب هو السبب الأكثر إقناعا لتبرير هذا الاستقرار الظاهري الذي طبع الكتاب التاسع من المجلة، رغم أن الحقيقة التي تعكسها هذه المجلة منذ سنة 1959 لم تعد تلك التي عكستها سنة 1956 لتعمّد المشرّع المحافظة المظهرية على نصوص وفقرات لم يعد لها أصلا أي مجال للانطباق.